دور الحرب النفسية في إنتصارات أكتوبر المجيدة
دور الحرب النفسية في إنتصارات أكتوبر المجيدة
بقلم: أحمد صابر دومه
فى الذكرى الـ 49 لحرب أكتوبر المجيدة كان من الواجب إعداد قراءة جديدة حول الدروس المستفادة من هذه الملحمة الكبرى،
ويمكن حصر بعض هذه الدروس في فن التحدى والإستجابة، وكيفية تحويل الإستثناء إلى أسلوب حياة، وضرورة الوعى بحدود قدراتنا وتحديد الأمل وطريقة الفعل.
وبالإضافة إلى ذلك هناك درساً بالغ الأهمية وهو فن الحرب النفسية والحرب النفسية المضادة فى حرب أكتوبر. حيث أنه لا إنتصار ولا تقدم إلى الأمام إلا بدافع حيوى، وطاقة كامنة تدفع الفَرد والمُجتمع إلى تحقيق الذات.
ولهذا فإن رفع الروح المعنوية والمعالجة النفسية لمحو آثار هزيمة حرب 67، لعبت دوراً جوهرياً، وكانت بمثابة الروح التى تحرك الجسد نحو النصر أو نحو الشهادة. ولم تكن الحرب ممكنة بدون خلق الدافع الحيوى عند الفرد وعند النخبة المنتقاة من القادة.
ولهذا قامت الشئون المعنوية بالقوات المسلحة بتحويل الطاقة الكامنة إلى طاقة عاملة فى الواقع، وغرس الثقة بين الجنود بعضهم البعض، وبينهم وبين القادة، من أجل عبور القناة والتغلب على الحواجز وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر.
ويجب التوقف عند دور الشئون المعنوية فى الحرب النفسية التى لا تقل أهمية عن معركة المعدات العسكرية على الجبهة، وتذهب كثير من النظريات العسكرية إلى أن الحرب النفسية التى تقوم بها الوحدات المتخصصة أكثر أهمية من الحرب نفسها.
والحرب النفسية ليست فقط ضد الخصوم فى العمليات ذات الطبيعة العسكرية، بل أيضا فى المجالات الأخرى الاقتصادية والسياسية، ودعم الجبهة الداخلية.
وهناك أيضا الحرب النفسية المضادة، والتي تتضمن الضوضاء المعلوماتية، والتضليل الإعلامي، وصناعة الوعى المعلب، وصناعة المعرفة المزيفة، وحرب الأفكار، والتلاعب النفسي، وعمليات غسل الأدمغة، والحرب العقائدية والأيديولوجية.
وللحرب النفسية أنواع عديدة، استخدمتها الشئون المعنوية بقواتنا المسلحة فى حرب أكتوبر، ومنها الحرب النفسية الإستراتيجية ضد قطاع كبير من الجماهير المستهدفة، والحرب النفسية التكتيكية التى تستخدم فى القتال للتأثير على جنود العدو.
بالإضافة إلي إستخدام الحرب النفسية للتدعيم، كدعم المجموعات القتالية فى الجيش المحارب أو القوات الصديقة، ودعم الجبهة الداخلية والتماسك القومي.
كما تعد الشائعات أحد أسلحة الحرب النفسية فى تحطيم معنويات الخصم، والقضاء على إرادته للقتال أو المقاومة، وإشاعة جو من عدم الثقة، وإحداث البلبلة وافتقاد القدرة على الحكم الدقيق والتمييز بين الصادق والكاذب من الأخبار، كما أن الحرب بالشائعات تنظم ضد العقول والنفوس وليس ضد الأجسام، وكثيراً ما تحسم الكثير من المعارك قبل أن تبدأ فى ميدان القتال.
ويتضح مما سبق أن تأثير العمل المعنوى نجح فى أن يمتد إلى إستعادة الشعب المصرى نبله وقت التحديات الكبرى، فعلى مدى الحرب لم تحدث جريمة واحدة على أرض مصر.
إن القيادة المصرية فى حرب أكتوبر نجحت بامتياز فى الحرب النفسية والحرب النفسية المضادة، ونجحت قبل حرب أكتوبر فى إحداث حالة من الضوضاء المعلوماتية، والتضليل الإعلامي، واستطاعت التلاعب النفسى بعقول القادة الإسرائيليين، بل إستطاعت إيهام العالم كله أنها لن تحارب.
وعلى مستوى الجبهة الداخلية تم حماية المصريين من عمليات غسل الأدمغة التى تقوم بها الدعاية المضادة، وتحصين الجنود من الحرب العقائدية والأيديولوجية، مما شكل حصناً منيعاً أمام عمليات تحطيم المعنويات ضد الجنود المصريين،
تلك العقيدة القتالية التى تم زرعها فى الضباط والجنود المصريين، استطاع القادة المصريون بلورتها بشكل صلب فى إطار لا يمكن اختراقه عندما تحولت العسكرية المصرية إلى عسكرية نظامية وفق النظم الحديثة.
جمعية مصر بلدنا تحتفل بالمولد النبوى الشريف واعياد أكتوبر المجيدة